منتدى مدرسة القرآن الكريم طحا الأعمدة
أهلاً بك زائرنا الكريم وطبت وطاب وفتك في منتداك لتنشر دينك والعقيدة الصحيحة
جزاك الله خيرا@ لا تنس التسجيل
منتدى مدرسة القرآن الكريم طحا الأعمدة
أهلاً بك زائرنا الكريم وطبت وطاب وفتك في منتداك لتنشر دينك والعقيدة الصحيحة
جزاك الله خيرا@ لا تنس التسجيل
منتدى مدرسة القرآن الكريم طحا الأعمدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدرسة القرآن الكريم طحا الأعمدة

أهدافه: نشر القرآن الكريم من حيث( أحكامه التجويدية- تفسير - علومه - أسراره - اعجازه ....إلخ. )والدعوة إلى الله عزوجل بفهم سلف الأمة الصحيح
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المسلمون في العالم


المحتوى مقدم من شبكة الألوكة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
»  سبعون مسألة في الصيام ج 1 الشيخ المنجد
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالسبت يونيو 20, 2015 1:27 pm من طرف الله كريم

» تفسير سورة فاطر اعداد ادارة المدرسة
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالثلاثاء أبريل 15, 2014 8:21 am من طرف الله كريم

» علاج العين والحسد
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالثلاثاء أبريل 15, 2014 8:13 am من طرف الله كريم

» كيف ترقي نفسك بنفسك ؟
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالثلاثاء أبريل 15, 2014 8:08 am من طرف الله كريم

» الموسوعة القرآنية الشاملة لمشاهير القراء
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالإثنين مارس 24, 2014 8:30 am من طرف خالد

» سيرة حياة الإمام الشيخ محمد الغزالي رحمه الله
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالأربعاء مارس 19, 2014 8:42 am من طرف خالد

» السيرة الذاتية الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل بن المُقدَم
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالسبت مارس 15, 2014 9:02 pm من طرف المدير

»  الشيخ عبد القادر الأرناؤوط –حفظه الله
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالسبت مارس 15, 2014 8:58 pm من طرف المدير

» السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين رحمه الله
سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالسبت مارس 15, 2014 8:54 pm من طرف المدير

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 14 بتاريخ الخميس أبريل 25, 2024 3:23 pm

 

 سيرة الامام النووي رحمه الله 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الطحاوي
صاحب الموقع
صاحب الموقع
الطحاوي


عدد المساهمات : 9
تاريخ التسجيل : 10/03/2014

سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الامام النووي رحمه الله 1   سيرة الامام النووي رحمه الله 1 Emptyالإثنين مارس 10, 2014 8:15 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم المحدث علاء الدين مفتى المسلمين: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار رضي الله عنه، و نفعنا به، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته بمحمد وآله و عترته.
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته وأصحابه الطاهرين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شربك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد..
فلما كان لشيخي وقدوي إلى الله تعالى الإمام أبا زكريا يحيى بن شرف الخزامي النووي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنات النعيم، وجمع بيني وبينه في دار كرامته، إنه جواد كريم، على من الحقوق المتكاثرة مالا أطيق إحصاؤها بعثني ذلك على أن في جمع كتاباً فيه مناقبه ومآثره، وكيفية اشتغاله، وما كان عليه من الصبر علىَ خشونة العيش وضيق الحال مع القدرة على التنعيم والسعة في جميع، الأحوال على عادة أئمة الحديث في ذلك. ليكون سبباً للرحمة عليه، والدعاء له، وفقنا الله لما وفقه، ورزقنا ما رزقه، فقد روينا بالإسناد إلى سفيان بن عيينه - رضي الله عنه - انه قال: - )عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة(.
و روينا بإسنادنا إلى محمد بن يونس - رحمه الله - أنه قال: - (ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين).
و على الله الكريم، و إليه أبتهل أن ييسّر ذلك أكمل الوجوه و أتمها، إنه على كل شيء قدير، و هو حسبي و نعم الوكيل، و لا حول و لا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
فصل في نسبه و نسبته
هو أبو زكريا يحيى بن الشيخ الزاهد الورع ولى الله أبى يحيى شرف بن مري، بن حسن بن حسين، بن محمد، بن جمعة، بن حزام (بالحاء المهملة والزاي المعجمة) الحزامي، ذو التصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، أوحد دهره وفريد عصره، الصوام القوام، الزاهد في، الدنيا الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق المرضية والمحاسن السنية، العالم الرباني، المتفق على علمه، وإمامته وجلالته، وزهده، وورعه، وعبادته، وصيانته في أقواله وأفعاله، وحالته، له الكرامات الطافحة والمكرمات الواضحة، المؤثر بنفسه وماله للمسلمين، والقائم بحقوقهم وحقوق ولاة أمورهم بالنصح والدعاء في العالمين، وكان كثير التلاوة والذكر لله تعالى حشرنا الله تعالى في زمرته، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته مع من اصطفاه من خليقته أهل الصفا والوفا والود، العاملين بكتاب الله تعالى وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته.
وأما نسبته الحزامي (فهي بالحاء والزاي ) نسبه إلى جده المذكور حزام، وذكر الشيخ المذكور رضي الله عنه أن بعض أجداده كان يزعم أنها نسبة إلى حزام بن حكيم الصحافي - رضي الله عنه، وهو غلط. وحزام جده نزل في (الجولان) بقرية (نوى) على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم خلق كثير.
والنووي نسبة إلى (نوى) المذكورة (وهى بحذف الألف بين الواوين على الأصل، ويجوز كتبها بالألف على العادة) وهى قاعدة الجولان ألان من أرض حوران من أعمال دمشق، لأنه أقام بها نحوا من ثمانية وعشرين سنة.
وقد قال عبد الله بن المبارك - رحمه الله - : (من أقام في بلدة أربع سنين نسبب إليها).
فصل في مولده و وفاته رضي الله عفه
مولده: فهو في العشر الأواسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وذكر لي بعض الصالحين الكبار: أنه ولد وكتب من الصاد قين.
وذكر لي والده أن الشيخ كان نائماً إلى جنبه، وقد بلغ من العمر سبع سنين ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، قال: فإنتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبتي، ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ أهله جميعاً فلم نر كلنا شيئاً.
قال والده: فعرفت أنها ليلة القدر.
وأما وفاته رضي الله عنه: فهي ليلة الأربعاء الثلث الأخير من الليل الرابع والعشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة بنوى، ودفن فيها صبيحة الليلة المذكورة، وكانت وفاته عقيب واقعة جدّت لبعض الصالحين بأمره بزيارة القدس الشريف والخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فامتثل الأمر، وتوفى عقبها.
فصل في مبدأ أمر، اشتغاله


--------------------------------------------------------------------------------

ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي - ولي الله - رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين، وهو ابن عشر سنين بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي، لإكراههم، ويقرأ القرآن في هذه الحالة فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن، فوصيته به، وقلت له: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجم أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام.
وقال لي الشيخ رضي الله عنه: لما كان عمري تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين، فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي على الأرض، وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير.
قال: وحفظت التنبيه. في نحو أربعة أشهر ونصف، وحفظت ربع العبادات من المهذب في باقي السنة.
قال: وجعلت أشرح - وأصحح على شيخي الإمام الزاهد العالم الورع ذي الفضائل والمعارف:أبى إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي الشافعي رحمه الله تعالى، ولازمته.
قال: فأعجب بي لما - رأي من اشتغالي وملازمتي وعدم اختلاطي بالناس، وأحبني محبة شديدة وجعلني أعيد الدرس لأكثر الجماعة.
قال: فلما كان سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة الجمعة، وكان رحيلنا من أول رجب قال: فأقمت بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من شهر ونصف.
قال لي والده رحمه الله: لما توجهنا من (نوى) للرحيل أخذته الحمى فلم تفارشه إلى يوم عرفة قال: ولم يتأوه قط، فلما قضينا مناسكنا ووصلنا إلى (نوى) ونزل إلى دمشق صب الله عليه العلم صبا، ولم يزل يشتغل بالعلم ويقتفى آثار شيخه المذكور في العبادة من الصلاة وصيام الدهر، والزهد والورع وعدم إضاعة شيء من أوقاته إلى أن توفى رحمه الله تعالى ورضى عنه، فلما توفى شيخه ازداد اشتغاله بالعلم والعمل.
قال لي شيخنا القاضي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر الأنصاري رضي الله عنه: لو أدرك القشيري. صاحب الرسالة شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها أحداً لما جمع فيها من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم وغير ذلك.
وذكر لي شيخي - قدس الله روحه - قال: كنت أقرأ كل يوم أثنى عشر درساً على المشايخ شرحا وتصحيحاً، درسين في الوسيط ودرساً في المهذب.
ودرساً في (الجمع بين الصحيحين) في أو درسا في صحيح مسلم، ودرساً في (اللمح) لابن جني في النحو، ودرساً في (إصلاح المنطق) بإبن السكيت في اللغة، ودرساً في التصريف ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين.
قال: وكنت أعلق ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضح عبارة، وضبط لغة.
قال رحمه الله: وبارك الله له في وقتي واشتغالي وأعانني عليه.
قال: وخطر لي الاشتغال بعلم الطب فاشتريت كتاب القانون فيه، وعرضت على الاشتغال فيه فاظلم على قلبي، وبقيت لا أقدر على الاشتغال بشيء ففكرت في أمري، ومن أبن دخل على الداخل، فألهمني الله تعالى أن سببه اشتغالي بالطب فبعت في الحال الكتاب، وأخرجت من بيتي كل ما يتعلق بعلم الطب فأستنار قلبي، ورجع إلى حالي، وعدت على ما كنت عليه أولاً.
فصل في رؤيته لعنه الله


--------------------------------------------------------------------------------

قال المؤلف - رضي الله عنه - قال لي شيخي يحيى بن شرف الننوي رضي الله عنه: كنت مريضا بالمدرسة الرواحية فبينما أنا في بعض الليالي في الصفة الشرقية و فيها والدي و أخوتي و جماعة من أقاربي - نائمون إلى جانبي، إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي للذكر، فجعلت أسبح، فبينما أنا كذلك بين الجهر و الاسرار اذ شيخ حسن الصورة جميل المنظر فتوضأ على حافة البركة، وقت نصف الليل أو قريباً منه، فلما فرغ من وضوئه أتاني وقال - : يا ولدي لا تذكر الله تعالى وتشوش على والدك وأخوتك وأهلك ومن في هذه المدرسة. فقلت: يا شيخ من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، و دعني أكون من كنت، فوقع في نفسي أنه إبليس، فقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح فأعرض و مشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبة والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة، فوجدته مغلقاً، و فتشتها فلم أجد فيها أحداً غير من كان فيها. فقال والدي: ما خبرك؟ فأخبرته الخبر فجعلوا يتعجبون، و قعدنا كلنا نسبح و نذكر، أعاذنا الله من شره و مكره.
فصل في ذكر شيوخه في الفقه رضي الله عنه
واذكرهم مسلسلاً مني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أنا فقرأت عليه الفقه تصحيحا وعرضاًً وشرحاً وضبطا، خاصاً وعاماً.
وعلم الحديث مختصره وغيره، تصحيحاً وضبطاً، وشرحاً وبحثاً وتعليقاً، خاصاً وعاماً، وكان - رحمه الله - رفيقاِ بي شفيقاً على، لا يمكن أحداً من خدمته غيري، على جهد مني في طلب ذلك منه، مع مراقبته لي - رضي الله عنه - في حركاتي وسكناتي، ولطفه بي في جميع ذلك، وتواضعه معي في جميع الحالات وتأديبه لي في كل شيء حتى الخطوات، وأعجز عن حصر ذلك، وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه ضبطاً واتقاناً، وأذن لي - رضي الله عنه - في إصلاح ما يقع في تصانيفه، فأصلحت بحضرته أشياء، فكتبه بخطه، و أقرني عليه، ودفع إلى درج فيه عدة الكتب التي كان يكتب منها، ويصنف بخطه، وقال لي: إذا انتقلت إلى الله تعالى فأتم شرح المهذب من هذه الكتب، فلم يقدر ذلك لي، وكانت صحبتي له دون غيره من أول سنة سبعين وستمائة وقبلها بيسير إلى حين وفاته.
قال المؤلف - رضي الله عنه - قال لي شيخي أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي - رضي الله عنه - : أخذت الفقه قراءة وتصحيحا وسماعا وشرحا وتعليقا من جماعات: أولهم شيخي الإمام المتفق على علمه وزهده وورعه وكثرة عبادته وعظم فضله وتميزه في ذلك على إشكاله: أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي، كمال الدين ثم المقدسي. رضي الله عنه ثم شيخنا أبو حفص عمر بن أسعد ين أبى غالب الرَبَعي (بفتح الراء والياء) الإربلي، والإمام المتقن المفتى، كمال الدين رضي الله عنه، وأدركته أنا، وحضرت بين يديه، وسمعت عليه جزء أبى الجهم العلا ابن موسى الباهلي، وكان شيخنا كثير الأدب معه حتى كنا في الحلقة بين يديه فقام منها، وملأ إبريقاً وحمله بين يديه إلى الطهارة رضي الله عنهما ورضى عنا بهم.
قال: ثم شيخنا الإمام المجمع على إمامته وحجتهِ و تقدمه في علم المذهب على أهل عصره بهذه النواحي: أبو الحسن سلارين الإربلي ثم الحلبي ثم الدمشقي، كمال الدين رضي الله عنه، وأدركته أنا وحضرت جنازته مع شيخنا رضي الله عنهم.


--------------------------------------------------------------------------------

قال: وتفقه شيوخنا المذكورون أولاً على شيخهم أبى عمرو وعثمان ابن عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن الصلاح، وتفقه هو على والده وتفقه والده في طريق العراقيين على أبى سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن أبي عصرون الموصلي، وتفقه أبو سعد على القاضي أبى على الحسين ابن إبراهيم الفارقي، وتفقه الفارقي على أبى إسحاق الشيرازي، وتفقه أبو إسحاق على القاضي أبى الطيب طاهر بن طاهر بن عبد الله الطبري، وتفقه أبى الطيب على أبى الحسين محمد بن على بن سهل بن مصلح الماسرجسي، و تفقه الماسرجسي على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المروزي، و تفقه أبو إسحاق على أبو العباس أحمد بن سريج و تفقه بن سريج على أبي القاسم عثمان ابن بشار الاغاطي، و تفقه الاغاطي على إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، و تفقه المزني على أبى عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، و تفقه الشافعي على جماعات منهم أبو عبد الله مالك بن أنس إمام المدينة، و مالك على ربيعة عن أنس و على نافع عن أبن عمر كلاهما عن النبي صلى الله عليه و سلم.
و الشيخ الثاني للشافعي سفيان بن عيينه عن عمرو بن دينار عن ابن عمرو ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
والشيخ الثالث: أبو خالد مسلم بن خالد، المعروف بالزنجي، مفتى مكة، وتفقه مسلم على أبى الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، وتفقه ابن جريح على أبى محمد عطاء بن مسلم بن أبي رباح، و تفقه عطاء على أبي العباس عبد الله بن عباس، وأخذ أبن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، وعن عمر بن الخطاب وعن زيد بن ثابت وجماعات من الصحابة رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه طريقة أصحابنا العراقيين.
وأما طريقة أصحابنا الخراسانيين فأخذتها عن شيوخنا المذكورين وأخذها شيوخنا الثلاثة المذكورين عن أبى عمرو عن والده عن أبى القاسم بن البزري (بتقديم الزاي على الراء) عن أبى الحسن على بن محمد بن علي إليكا الهراسي عن أبى المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، إمام الحرمين عن والده أبى محمد، عن أبى بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي الصغير وهو إمام طريقة خراسان عن أبى زيد محمد بن أحمد عبد الله بنت محمد المروزي عن أبى إسحاق المروزي عن ابن سريج كما سبق، وتفقه شيخنا الإمام العالم أبو الحسن سلأر على جماعات منهم الإمام أبو بكر الماهاني، وتفقه الماهاني على ابن البرزي بطريقه السابق، والله أعلم.
فمعرفة هذه السلسلة من النفائس والمهم الذي يتعين على الفقيه والمتفقه علمه، و يقبح به جهله، والشيوخ في العلم آباء له في الدين، ووصلة بين العبد وبين رب العالمين.
قال يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه: العلماء أرأف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم لأنهم يحفظونهم من نار الآخرة، وأهوالها وآباؤهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وآفاتها يعنى الآباء العلماء، وأما الآباء الجهال فلا يحفظونهم لا في الدنيا ولا في الآخرة والله أعلم.
فصل في شيوخه الذين أخذ عنهم أصول الفقه
قرأ على جماعهم أشهرهم وأجلهم العلامة القاضي أبو الفتح عمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التغليسي الشافعي رحمه الله تعالى قرأ عليه المنتخب للإمام فخر الدين الرازي وقطعة من كتاب المستصفى الغزالي، وقرأ غيرهما من الكتب على غيره.
فصل فيمن أخذ منه اللغة والنحو التصريف
أول من أخذ عنه ذلك فخر الدين بن المالكي رضي الله عنه ذكر لي الشيخ رضي الله عنه ونفعنا به انه قرأ عليه كتاب اللمع لأبن جني، وانه قرأ على الشيخ أبى العباس أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي التصريفي بحثا كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، وكتابا في التصريف. قال: وكان لي عليه درس إما في سيبويه و أما في غيره (والشك منى).
وقرأ على شيخنا العلامة أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجياني رحمه الله كتابا من تصانيفه وعلق عليه شيئاً، وأشياء كثيرة غير ذلك.
فصل فيمن اخذ عنه فقه الحديث و أسماء رجاله و ما يتعلق به


--------------------------------------------------------------------------------

أخذ فقه الحديث عن الشيخ المحقق أبى إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي الشافعي رضي الله عنه، شرح عليه مسلماً وقرأ البخاري وجملة مستكثرة من الجمع بين الصحيحين للحميدي وأخذ علوم الحديث لابن الصلاح عن جماعة من أصحابه، وقرأ على الشيخ أبى البقاء خالد بن يوسف بن سعد النابلسي الحافظ كتاب الكمال في أسماء الرجال للحافظ عبد الغني المقدسي وعلق عليه حواشي، وضبط عنه أشياء حسنة.
فصل في الكتب التي سمعها
سمع البخاري، ومسلماً، وسنن أبي داود، والترمذي، وسمع النسائي بقراءته وموطأ مالك، ومسند الشافعي.
وأحمد بن حنبل و الدارمي و أبي عوانه الاسفرايني و أبى يعلى الموصلي. و سنن أبن ماجه و الدار قطني وشرح السنة للبغوي ومعالم التنزيل له في التفسير، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار والخطب النباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب وأخرى كثيرة غير ذلك تعلق ذلك جمعيه من خط الشيخ رحمه الله تعالى، وقُرأ عليه (البخاري ومسلم " بدار الحديث الأشرفية سماعاً وبحثاً، وحضرت مسلماً وأكثر البخاري وقطعه من سنن أبى داود. وقرأ عليه الرسالة للقشيري، و (صفوة الكفوة) وكتاب " الحجة على تارك الحجة " للنصر المقدس سماعاً وبحثاً، وحضرت معظم ذلك، وعلقت عنه أشياء في ذلك وغيره فرحمه الله تعالى ورضى عنه.
فصل في شيوخه الذين سمع منهم
سمع أبا الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي وهو أجل شيوخه، وأبا إسماعيل بن أبى إسحاق إبراهيم ابن أبى اليسر وأبا العباس أحمد بن عبد الدائم، وأبو البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل محمد بن محمد البكري، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم ين يحيى الأبناري، وأبا زكريا يحيى بن الفتح الصيرفي الحراني، وأبا إسحاق إبراهيم بن على بن أحمد بن فاضل الواسطي وغيرهم.
وسمعت أنا من معظم شيوخه.
فصل فيمن سمع منه
وسمع منه خلق كثير من الفقهاء، وسار علمه وفتاويه في الآفاق، ووقع على دينه وعلمه وزهده وورعه و معرفته وكرامته الوفاق، وانتفع الناس في سائر البلاد الإسلامية بتصانيفه، وأكبوا على تحصيل تواليفه حتى رأيت من كنان سناها في حياته مجتهدا على تحصيلها وانتفاع بها بعد وفاته فرحمه الله ورضى عنه، وجمع بيننا وبينه في جناته.
فصل في شغل أوقاته كلها بالعلم و العمل
ذكر لي رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتاً في ليل ولا في نهار إلا في وظيفة من الأشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق ومجيئه يشتغل في تكرار أو مطالعة، وأنه بقي على التحصيل على هذا الوجه نحو ست سنين.
ثم اشتغل بالتصنيف والأشتغال و الافادة والمناصحة للمسلمين وولاتهم مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه، والعمل بدقائق الفقه والاجتهاد على الخروج من خلاف العلماء، و إن كان بعيد المراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من السوء، يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة، وكان محققاً في علمه وفنونه مدققاً في علمه ولفنونه حافظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم عارفاً بأنواعه كلها من صحيحه وسقيمه وغرب ألفاظه وصحيح معانيه واستنباط فقهه حافظاً المذهب الشافعي وقواعده وأصوله وفروعه، ومذاهب الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم وإجماعهم، وما أشتهر من ذلك جميعه، ومازال سالكاً في كل ذلك من طريقة السلف.
قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل فبعضها للتصنيف وبعضها للتعليم، وبعضها للصلاة، وبعضها للتلاوة، وبعضها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ذكر لي صاحبنا أبو عبد الله محمد بن أبى الفتح البعلي الحنبلي الفاضل نفع الله به في حياة الشيخ رض الله عنه قال: كنت في أواخر الليل بجامع دمشق والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظلمة وهو يردد قوله تعالى (وَقِفُوهُم إنهم مَّسْئُولُونَ)، مراراً بنحيب وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك شيء الله به عليم، وكان رضي الله عنه إذا ذكر الصالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير واحترام وسودهم وذكر مناقبهم وكراماتهم.
فصل في كراماته


--------------------------------------------------------------------------------

ذكر لي شيخنا العارف القدوة المسلك ولي الدين أبو الحسن علي، المقيم بجامع بيت لهيا خارج دمشق، قال: كنت مريضاً بمرض يسمى (النقرس) في رجلي فعادني الشيخ محيي الدين - قدس الله روحه - العزيز فلما جلس عندي شرع يتكلم في الصبر قال: فكلما تكلم جعل الألم يذهب قليلاً قليلاً فلم يزل يتعَلم فيه حتى زال جميع الألم، وكأن لم يكن قط.
قال: وكنت قبل ذلك لم أنم الليل كله من الألم، فعرفت أن زوال الألم من بركته رضي الله عنه.
وذكر لي صاحبنا في القراءة على الشيخ رضي الله عنه لمعرفة السنن للطحاوي الشيح العلامة المفتي رشيد الدين إسماعيل بن المعلم الحنفي رحمه الله قال: كنت عذلت الشيخ محيي الدين رضي الله عنه في عدم دخوله الحمام وتضييق عيشه في أكله ولبسه وجميع أحواله.
وقلت له: أخشى عليك مرضاً يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده قال فقال: إن فلاناً صام وعبد الله تعالى حتى اخضر عظمه.
قال: فعرفت إنه ليس له غرض في المقام في دارنا ولا يلتفت إلى ما نحن فيه.
ورأيت رجلاً من أصحابه قشر له خيارة ليطعمه إياها، فأمتنع عن أكلها، وقال: أخثس أن يرطب جسمى، ويجلب النوم.
وكان رضي الله عنه لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وكان لا يشرب الماء المبرد وكان لا يأكل فاكهه دمشق فسألته عن ذلك فقال: دمشق كثيرة الأوقاف، وإملاك من هو تحت الحجر شرعاً والتصرف لهم لا يجوز لأوجه الغبطة والمصلحة والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيه اختلاف بين العلماء: فمن جوزها قال: جوزها بشرط المصلحة والغبطة لليتيم والمحجور عليه، والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء من الثمرة للمالك، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك. وقال لي الشيخ العارف المحقق المكاشف أبو عبد الرحيم الأخميمي. قدس الله روحه ونور ضريحه: كان الشيخ محيي الدين رضي الله عنه سالكاً منهاج الصحابة. رضي الله عنهم، ولا أعلم في عصرنا سالكا، منهاجهم غيره.
وكتب شيخنا أبو عبد الله محمد الظهير، الحنفي الأربلي شيخ الأدب في وقته رحمه الله تعالى في كتاب (العمدة في تصحيح التنبيه)، للشيخ قدس الله روحه وسألني مقابلته معه بنسختي ليكون له رواية عنه مني، فلما فرغنا من ذلك قال لي: ما وصل الشيخ تقي الدين بن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيى الدين من الفقه والعلم والحديث واللغة وعذوبة اللفظ و العبارة.
فصل في كتبه
صنف - رحمه الله - كتبا في الحديث والفقه عم النفع بها، وانتشر في أقطار الأرض ذكرها منها: المنهاج في الفقه، وشرح مسلم، ومنها المبهمات، ورياض الصالحين، والأذكار، وكتاب الأربعين، والتيسير في مختصر الإرشاد في علوم الحديث. ومنها الإرشاد، ومنها التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، والمناسك الثالث والرابع والخامس والسادس، ومنها التبيان في آداب حملة القرآن ومختصره، ومنها مسألة الغنيمة، وكتاب القيام، ومنها كتاب الفتاوي ورتبته أنا، ومنها الروضة في مختصر شرح الرافعي، ومنها المجموع في شرح المهذب إلى المعراة.
ومنها كتب ابتدأها ولم يتمها، عاجلته المنية، وقطعة في شرح التنبيه، و قطعة في شرح البخاري، وقطعة يسيره في شرح سنن أبي داود، وقطعة في الإسناد على حديث الأعمال والنيات، وقطعة في الأحكام، وقطعة كبيرة في التهذيب للأسماء واللغات، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، ومنها قطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر، ومنها كتاب المنهاج في مختصر المحور للرافعي وشرح ألفاظه منه، ومسودات كثيرة. ولقد أمرني ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، وخوفني إن خالفت أمره في ذلك فما أمكنني إلا طاعته، وإلى الآن في قلبي منها حسرات.
ولما اختصر المحرر للرافعي رحمه الله المسمى (بالمنهاج) حفظه بعد موته خلق كثير، ووقف عليه في حياته شيخنا الأديب الفاضل رشيد الدين أبو حفص إسماعيل بن مسعود الفارقي شيخ الأدب في وقته، فامتدحه بأبيات حسنة، وقف عليها الشيخ بخطه:
واعتنى بالفضل يحيى فاغتنى ... من بسيط بوجيز نافع
وتجلى بتقاه فضله ... فتجلى بلطيف جامع


--------------------------------------------------------------------------------

ناصباً أعلام علم جازما ... بمقال رافع المواقع
وكان ابن الصلاح حاضراً ... وكأن ما غاب عنا الشافعي
قال شيخنا العلامة حجة العرب شيخ النحاه، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجياني رحمه الله وذكر المنهاج لي بعد أن كان وقف عليه، والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت لحفظته، وأثنى على حسن اختصاره وعذوبة ألفاظه.
فصل في قناعته و تواضعه واستعداده للموت
وكان رحمه الله لا يأخذ من أحد شيئا، ولا يقبل إلا ممن تحقق دينه ومعرفته، ولا له به علاقه من اقراء وانتفاع به قاصداً الخروج من حديث القوس، والجزاء في الدار الآخرة وربما أنه كان يرى نشر العلم متعيناً عليه مع قناعة نفسه وصبرها، والأمور المتعينة لا يجوز أخذ الجزاء عليها في دار الدنيا بل جزاؤه في الدار الآخرة شرعاً كالقرض الجار إلى منفعه فإنها حرام باتفاق العلماء.
وكنت جالسا بين يديه قبل انتقاله بشهرين ونحوها، وإذا بفقير قد دخل عليه وقال: الشيخ فلان يسلم عليك من بلاد صرخا، وأرسل معي هذا الإبريق لك، فقبله الشيخ وأمرنى بوضعه في بيت حوائجه، فتعجبت من قبوله فشعر بتعجبي وقال: أرسل إلى بعض فقراء زدبولا، وهذا إبريق فهذه آلة السفر.
ثم بعد أيام يسيره كنت عنده فقال لي قد أذن في السفر، فقلت كيف أذن لك؟ قال: أنا جالس هنا يعني ببيته في المدرسة الرواحية وقدامه طاقة مشرفة عليها مستقبلة القبلة إذ مر على شخص في الهوى ومر هنا. ومن كذا (يشير من غرب المدرسة إلى شرقها) وقال قم سافر لزيارة بيت المقدس. وقد حملت كلام الشيخ على سفر العادة فإذا هو السفر الحقيقي. ثم قال: قم حتى تودع أصحابنا وأصحابنا فخرجت معه إلى القبور الذي دفن بها بعض مشايخه فزارهم، وقرأ شيئاً، ودعا وبكى ثم زار أصحابه الأحياء كالشيخ يوسف القفاعي والشيخ محمد الأخميمي وشيخنا الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر شيخ الحنابلة. ثم سافر صبيحة ذلك اليوم، و جرى لي معه وقائع، ورأيت منه أمور تحتمل مجلدات، فسار إلى نوى، و زار القدس والخليل عليه السلام ثم عاد إلى نوى، و مرض عقب زيارته بها في بيت والده فبلغني مرضه، فذهبت من دمشق لعيادته ففرح رحمه الله ثم قال لي: ارجع إلى اهلك و ودعته وقد أشرف على العافية يوم السبت العشرين من رجب سنة ست و سبعين و ستمائة ثم توفي ليلة الأربعاء المتقدم ذكرها الرابع و العشرين من رجب فبينما أنا نائم تلك الليلة مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة الصلاة على الشيخ ركن الدين المرقع، فصاح الناس لذلك النداء فاستيقظت فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، فلم يكن إلا ليلة الجمعة عشية الخميس إذ جاء الخبر بموته، و صلى عليه رحمه الله فنودي يوم الجمعة عقيب الصلاة بموته و صلى عليه بجامع دمشق، و تأسف المسلمون عليه تأسفاً بليغاً الخاص و العام، و المداح و الذام و رثاه الناس بمراثي كثيرة سيأتي ذكرها آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
فصل في مواجهة الملوك والجبابرة بالإنكار
وكان مواجها للملوك والجبابرة بالإنكار لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان إذا عجز عن مواجهة كتب الرسائل، و يتوصل إلى إبلاغها، فمما كتبه، وأرسلني في السعي فيه، وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكس عنهم، وكتب معه في ذلك شيخنا شيخ الإسلام أبى محمد عبد الرحمن ابن الشيخ أبى عمرو، وشيخ الحنابلة، وشيخنا العلامة قدوة. الوقت أبو محمد عبد السلام بن على بن سر الزواوي شيخ المالكية، وشيخنا العلامة قدوة الوقت ذو العلوم أبو بكر بن محمد بن أحمد السويسي المالكي، وشيخنا العارف القدوة أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ العارف ولي الله عبد الله عرف بأبن الأرمني، وشيخنا المفتى أبو حامد محمد بن العلامة أبى الفضائل عبد الكريم بن الجرستاني خطيب دمشق وابن خطيبها.
وجماعة آخرون ووضعها في ورقة وكتبها الأمير بدر الدين بيليك الخزندار، بإيصال ورقه العلماء إلى السلطان الظاهر التركي، وهذه صورتها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله يحيى النووي:


--------------------------------------------------------------------------------

سلام الله ورحمته بركاته، على المولى المحسن، ملك الأمراء، بدر الدين، أدام الله الكريم له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الآخرة والأولى كل آماله، وبارك له في جميع أحواله، وننهى إلى العلوم الشريفة، أن أهل الشام في هذه السنة في ضيق عيش، وضعف حال، بسبب قلة الأمطار، وغلاء الأسعار، وقلة الغلات والنبات، وهلاك المواشي وغير ذلك وأنتم تعلمون أنه تجب على الرعية والسلطان ونصيحته في مصلحته ومصلحتهم، فإن الدين النصيحة، وقد كتب خدمة الشرع الناصحون للسلطان المحبون له كتاباً تذكره النظر في أحوال رعيتيه، و الرفق بهم،و ليس فيه ضرر، بل نصيحة محضة، وشفقة تامة، وذكرى لأولي الألباب، والمسؤول من الأمير أيده الله تقديمه إلى السلطان، أدام الله له الخيرات، ويتكلم عليه من الإشارة بالرفق بالرعية بما يجده مدخراً له عند الله: (يَوْمَ تَجِدْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمَلْتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحّضراً، وَمَا عَمَلَتْ مِنْ سُوءِ تَوَدّ لَوْ أِنَّ بَيْنَها وبَيْنَهُ أمَداً بَعِيداً ويُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ).
وهذا الكتاب الذي أرسل، به العلماء إلى الأمير أمانة ونصيحة للسلطان أعز الله أنصاره والمسلمين كلهم في الدنيا والآخرة، فيجب عليكم إيصاله للسلطان أعز الله أنصاره، وأنتم مسؤولون عن هذه الأمانة ولا عذر لكم في التأخير عنها، ولا حجة لكم في التقصير فيها عند الله تعالى، وتسألون عنها: (يَومَ لاَ يَنْفَعُ مَالُ ولا بَنُونَ إلاَّ مَن أتَى الله بقَلْبٍ سَليم). (يَوْمَ يفرُّ المرءُ مِنْ أخِيهِ، وَأمِّهِ وَأبِيِهِ وَصاحبَتِهِ وبنيه لكُلِّ امرئ منهم يومئذٍ شَأنُ يُغْنِيهِ). وأنتم بحمد الله تحبون الخير، وتحرصون عليه، وتسارعون إليه، وهذا من أهم الخيرات وأفضل الطاعات، وقد أهلتم له، وساقه الله إليكم، وهو فضل من الله ونحن خائفون أن يزداد الأمر شدة إن لم يحصل النظر في الرفق بهم. قال الله تعالى: (إِنَّ الذّين اتقَوْا إذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِّنَ الشيطانِ تَذكَّرُوا فَإذاَ هُمْ مبصِروُنَ).
وقال الله تعالى: (وَمَا تَفعلوا مِنْ خَيْرِ فَإنِ اللهَ بِهِ عَلِمٌ).
والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا، بما إذا فعلتموه وجدتموه عند الله (إن اللهَ مَعَ الذيِنَ اتقَوا والذيِنَ هُم محسِنُونَ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فلما وصلت الورقات إليه أوقف عليها، رد جواباً عنيفاً مؤلماً، فتنكرت خواطر الجماعة الكاتبون وغيرهم.
فكتب رحمه الله جواباُ لذلك الجواب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم.
من عبد الله يحيى النووي، يُنهى أن خدمه الشرع كانوا كتبوا ما بلغ السلطان أعز الله أنصاره، فجاء الجواب بالإنكار والتوبيخ والتهديد، وفهمنا منه أن الجهاد ذكر في الجواب على خلاف حكم الشرع، وقد أوجب الله إيضاًح الأحكام عند الحاجة إليها فقال تعالى: (وإِذْ أخَذَ الله مِيثَاقَ الذِينَ أوتُواْ الكِتَابَ لتُبَيَّنُنَّهُ للناسِ وَلاَ تَكتمونه).
فوجب علينا حينئذ. بيانه وحرم علينا السكوت، قال الله تعالى: (لَّيْس عَلى الضُّعَفَاء ِولا على المرضى وَلاَ عَلى الذينَ لا يَجَدُونَ ما يُنفقُونِ حَرَجٌ إذا نَصحِوا لله وَرَسوُلِهِ مَا عَلى المُحَسِنِينَ منْ سَبيلٍ واللهُ غَفُورٌ رحيمٌ).
وذكر في الجواب أن الجهاد ليس مختصاًً بالأجناد، وهذا أمر لم ندعه ولكن الجهاد من فرض كفاية، فإذا قرِر السلطان له أجناداً مخصوصين ولهم أخبار معلومه من بيت المال، كما هو الواقع تفرغ باقي الرعيه لمصالحهم ومصالح السلطان والأجناد وغيرهم من الزراعة والصنائع وغيرها، الذي يحتاج الناس، كلهم إليها، فجهاد الأجناد مقابل بالأخباز المقررة لهم. ولا يحل أن يؤخذ من الرعية شيء مادام في بيت المال شيء من نقد أو متاع أو أو أرض، أو ضياع أو غير ذلك.


--------------------------------------------------------------------------------

وهؤلاء علماء المسلمين في بلاد السلطان أعز الله أنصاره، متفقون على هذا، وبيت المال معمور، زداه الله عمارة وسعة وخيراً وبركة في حياة السلطان، المقرونة بكمال السعادة له والتوفيق والتسديد والظهور على أعداء الدين، (وَمَا النَّصْرُ إلا مِن عند الله) إنما يستعان في الجهاد و غيره لافتقار إلى الله واتباع آثَارَ النبي صلى الله عليه وسلم، وملازمه أحكام الشرع، وجميع ما كتبناه أولا وثانياً، هو النصيحة التي نعتقدها، وندين الله بها، ونسأله الدوام عليها حتى نلقاه.
والسلطان يعلم إنها نصيحة له، وللرعية، وليس فيها ما يلام عليه، ولم نكتب هذا للسلطان إلا لعلمنا بأنه يحب الشرع ومتابعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق بالرعية، والشفقة عليهم وإكرامهم لآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ناصح للسلطان موافق على هذا الذي كتبناه.
وأما ما ذكر في الجواب من كوننا لم ننكر على الكفار حتى كانوا في البلاد، فكيف يقاس ملوك الإسلام وأهل القرآن بطغاة الكفار! وبأي شيء كنا نذكر طغاة الكفار، وهم لا يعتقدون شيئاً من ديننا! وأما تهديد الرعية بسبب نصيحتنا وتهديد طائفة، فليس هو المرجو من عدل السلطان وحلمه، وأي حيلة لضعفاء المسلمين الناصحين نصيحة للسلطان ولهم، ولا علم لهم به، وكيف يؤاخذون به لو كان فيه ما يلام عليه.
وأما أنا في نفسي فلا يضرني التهديد، ولا أكثر منه، ولا يمنعني ذلك من نصيحة السلطان. فإني أعتقد أن هذا واجب عَليَ وعلى غيري، وما ترتب عليه الواجب فهو خير وزيادة عند الله تعالى (إنماَ هذه الحَيَاةُ الدُنْيَا مَتَاعٌ، وإنَّ الآخرةَ هيَ دَارُ القَرَار) (وأفَوِّضَ أمْريِ إلى اللهِ بَصيِرٌ بِالعَبادِ).
وقد أمرنا رسول الله صلى الله وسلم أن نقول بالحق حيثما كنا، وأن لا نخاف في الله لوم لائم، ونحن نحب للسلطان معالي الأمور، وأكمل الأحوال، وما ينفعه في آخرته ودنياه ويكون سبباً لدوام الخيرات له، ويبقى ذكره له على الأيام، يخلد في سننه الحسنة ويجد نفعاً (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراٍ).
وأما ما ذكر من تهيئة السلطان البلاد، وإدامته الجهاد، وفتح الحصون، وقهر الأعداء، فهذا بحمد الله من الأمور الشائعة التي اشترك في العلم بها الخاصة والعامة، وصارت في أقطار الأرض، وثواب ذلك مدخر للسلطان إلى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً، ولا حجة لنا عند الله إذا تركنا النصيحة الواجبة علينا والسلام عليكم ورحمة الله بركاته والحمد لله رب العالمين.
ومما كتبه لما احتيط به على أملاك دمشق حرسها الله تعالى بعد إنكاره مواجهة للسلطان الظاهر. وعدم إفادته وقبوله:
؟؟بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالىSadوَذكِّر إنِ الذَّكْرَي تَنْفَع المُؤْمِنِنَ)، وقال الله تعالى: (وَإذ اخَذَ الله ميثَاقَ الذيِنَ أوتُواً الكِتَابَ لتُبَيَّننهُ لِلناس وَلاَ تَكتُمونَهُ).
وقال تعالى: (وَتَعاوَنُوا عَلى البرِّ والتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ على ا لإِثمً والعُدْوانِ).
وقد أوجب الله تعالى على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره ونصيحة عامة للمسلمين. ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدين النصيحة لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم) ومن نصيحة السلطان وفقه الله لطاعته، وتولاه بكرامته، أن ينهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية، والاهتمام بالضعفة وإزالة التضرر عنهم، قال الله تعالى: (واَخْفِضْ جَنَاحَكَ للمُؤمِنِينَ).
وفى الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
وقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأفرق به، ومن شق عليهم فأشقق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلمSad كلكم راع وكل مسئول عن رعيته) وقال صلى الله عليه وسلمSad إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا).


--------------------------------------------------------------------------------

وقد أنعم الله تعلى علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان، واعزه الله أنصاًره.
فقد أقامه الدين، والذَّب عن المسلمين، وأذل له الأعداء من جميع الطوائف، وفتح عليه الفتوحات المشهورة في المدة اليسيرة، وأوقع الرعب في قلوب أعداء الدين وسائر الماردين، ومهد له البلاد والعباد، وقمع بسيفه أهل الزيغ والفساد، وأمره بالإعانة واللطف والسعادة، ولله الحمد على هذه النعم المتظاهرة، والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها له وللمسلمين وزيادتها، في خير، وعافية آمين.
وقد أوجب الله شكر نعمه، ووعد الزيادة للشاكرين قال تعالى (وَلئنْ شَكَرْتُم لأزيدكم) وقد لحق المسليين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواع من الضر لا يمكن التعبير عنها، وطلب منهم إِثبات لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحل عند أحد من علماء المسلمين؛ بل من في يده شيء فهو ملكه لا يحل الاعتراض عليه، ولا يكلف بإثباته، وقد اشتهر من سميرة السلطان أنه يحب العمل بالشرع، ويوصى نوابه به، فهو أولى من عمل به والمسؤول إطلاق الناس من هذه الحوطة، والإفراج عن جميعهم؛ فأطلقهم أطلقك الله من كل مكروه، فهم ضعفة وفيهم الأيتام والأرامل والمساكين، والضعفة والصالحون، وبهم تنصر، وتغاث، وترزق، وهم سكان الشام المبارك، جيران الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، سكان ديارهم، فلهم حرمات من جهات، ولو رأى السلطان ما يلحق الناس من الشدائد لأشتد حزنه عليهم، وأطلقهم في الحال ولم يؤخروهم، ولكن لا تُنهى الأمور إليه على وجهها.
فيالله أغث المسلمين، يغثك الله، وارفق بهم يرفق الله بك، وعجل لهم الإفراج قبل وقوع الأمطار، وتلف غلاتهم؛ فإن أكثرهم ورثوا هذه الأملاك من أسلافهم ولا يمكنهم تحصيل كتب شراء وقد نهبت كتبهم، وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رفق بأمته، ونصره على أعدائه فقد قال الله تعالى: (إنِ تَنصُرُوا اللهَ يَنْصرُكُم) ويتوفر له من رعيته الدعوات، وتظهر في مملكته البركات، ويبارك الله في جميع ما يقصده من الخيرات.
وفى الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).
فنسأل الله الكريم، أن يوفق السلطان لله للسنن الحسنة التي يذكر بها يوم القيامة، ويحميه من السنن السيئة.
فهذه نصيحتنا الواجبة علينا للسلطان، ونرجوا من فضل الله تعالى أن يلهمه الله تعالى فيها القبول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* ومما كتبه رسالة كتبها تتعلق بالمكوس، والحوادث الباطلة.
ومما كتبه رسالة تتعلق بالأمراء والخيل، وابطل الله تعالى ذلك على يد من شاء من عباده من دولة السعيد بن الظاهر رحمهم الله تعالى.
* ومما كتبه بسبب الفقهاء لما رسم بأن الفقيه لا يكون منزلاً في أكثر من مدرسة واحدة وهذه صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم


--------------------------------------------------------------------------------

خدمة الشرع يُنهون، أن الله تعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى، ونصيحة ولاة الأمور وعامة المسلمين، وأخذ على العلماء العهد بتبليغ أحكام الدين، ومناصحة المسلمين، وحث على تعظيم حرماته، وإعظام شعائر الدين، وإكرام العلماء وأتباعهم، وقد بلغ الفقهاء بأنه رسم في حقهم بأن يغيروا من وظائفهم، ويقطعوا من بعض مدارسهم، فتنكرت لذلك أحوالهم، وتضرروا بهذا التضييق عليهم، وهم محتاجون، ولهم عيال وفيهم صالحون والمشتغلون بالعلوم، وان كان فيهم أفراد لا يلتحقون بمراتب غيرهم فهم منتسبون إلى العلم، ويشاركون فيه، ولا يخفي مراتب أهل العلم وفضلهم، وثناء الله عليهم، وبيانه مرتبتهم على غيرهم، وأنهم ورثه الأنبياء صلوات الله وسلامة عليهم، فإن الملائكة عليهم السلام تضع أجنحتها لهم، ويستغفر لهم كل شيء حتى الحيتان، واللائق بالجناب العالي إكرام هذه الطائفة، والإحسان إليهم، ومعاضدتهم، ودفع المكروهات عنهم، والنظر في أحوالهم بما فيه الرفق بهم فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئاً ورفق بهم فأرفق به) وروي أبو عيسى الترمذي بسناده عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أنه يقول الطلبة العلم: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن رجالاً يأتونكم يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً) والمسئول أن لا يغير على هذه الطائفة شيء، وتستجاب دعوتهم لهذه الدولة القاهرة، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم).
ولد أحاطت العلوم بما أجاب الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان صرف الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، فقال: (أقمت. لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار، فاستصوب فعله، وساعده عليه)، والله الكريم يوفق المثاب لمرضاته وأثمار المسارعة إلى طاعته. والحمد له رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وله رضي الله عنه كتب كثيرة في كليات تتعلق بالمسلمين وجريات، وفي أحياء سنن نيرات وفي إماتة بدع مظلمات، وله كلام طويل في. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مواجهاً بها أهل المراتب العاليات.
قال لي المحدث أبو العباس أحمد بن نوح بالحاء المهملة الأشيبلي رحمه الله وكان له متعاد على الشيخ قدس الله روحه يومي الثلاثاء والسبت، يوم يشرح في صحيح البخاري، ويوم يشرح ض صحيح مسلم، قال: وكان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب كل مرتبه منه لو كانت لشخص شدت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض: المرتبة الأولى: العلم والقيام بوظائفه.
الثانية: الزهد في الدنيا بجميع أنواعها.
الثالثة: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
فصل في ذكر المراثي التي رثاه بها العلماء
قرأت على شيخنا العلامة شيخ الأدب أبى عبد الله محمد. أحمد بن عمر بن شاكر الحنفي الأربلي رحمه الله وكان مدرساً للقيمازية بدمشق.
قلت رضي الله عنك وكان ذلك في العشر الأول من شعبان سنة ست وسبعين وستمائة.
عزً العزاء وعَم الحادث الجَللُ ... وخاب بالموت في تَعميرك الأجل
واستَوْحشَتْ بعد ما كنت الأنيس بها ... وَساءَها فَقْدُك الأسخار و الاصل
وكنت تَتلو كتاب الله مُعتبراً ... ولايعتريك على تكراره مَللُ
وقد كنْتَ للدين نوراً يستضاءُ به ... مسدداً منك فيه القولُ والعمل
وكنت في سنة المختارمجتهداً ... وأنت باليُمن والتوفيق مُشتَملُ
وكنت زَيْناً لأهل العلِم مُفتخراً ... على جَديد كساهم ثوبك السَّمَل
وكنتً اسبغهم ظِلاً إذا اسستعَرتْ ... هواجرَ الجهل والأطلال ينتقلُ
كسلك ربكَ أوصافاً مُجملةً ... يضيق عن حصرها التفصيلُ والجملُ
اسلى كمالك من قوم مَضنوا بدلا ... وعن كماك لا مثل ولا بدل
فمثلُ فقْدك ترتاع العقولُ له ... وفَقد مِثلكَ جرح ليس يَندمِل
زهدتَ في باطل الدنيا وزخرفها ... عزما وحزماً فمضروب بك المثلُ


--------------------------------------------------------------------------------

أعرضت عنها احتقاراً غير مُحتفلٍ ... وأنتَ بالسعي في أخراك مُحتفلُ
عزفتَ عن شهوات مالعَزم فتىً ... بها سِواك إذا عَنتَ له قِبلُ
اسهرتَ في العلم عيناً لمَ تَذق سِنةً ... إلا وأنت به في الحلم مشتَغلُ
يا لهف حفلِ عظيم كنت بهجتهُ ... وحله فعراه بعدك العَطلُ
فطالبوا العلم من دان ومُغترب ... نالوا بيمُنك منهُ فوق ما أمِلوا
حاروا لغيبة هاديهم وضاق بهم ... لفرط حزن عليه السهلُ والحيلُ
تُرى ذَرَى تُربه من غيبوه به ... أو نعشُه من على أعواده حملوا؟
عناه شُغلهم دهراً وعاذ لهم ... بلا عج الوجْد عن أشغالهم شغلُ
يامحيى الدين كم غادرت من كبدٍ ... حرّي عليك وعين دمعها هطلُ
وكم مُقام كحد السيف لا جَلدُ ... تقوي على هَوْله فيه ولا جدلُ
أمرتَ فيه بحمد الله منتضِيا ... وسيفاً من العزم كم يُصنع له خللُ
وكم تواضعت عن فضل وعن شرف ... وهمسةٍ هامه الجوزاء تنتعل
عالجت نفسسك والأذواء مسلمه ... حتى استقامت وحتى زالت العلل
بالغت بالتعب الفاني رضي ملك ... ثوابهُ في جنان الخُلد متصل
ضيفُ الكريم جدير أن يُضاف به ... إلى الكرامة من ألطافه نُزلُ
بَررت أهليك في داريك مُحتسباً ... فقد تكافأ فيك الحزن والجذلُ
فجعت بالأمس ليلاً كنت ساهره ... لله والنوم قد طابت به المقلُ
رَجاك نور نهار وكُنت صائمه ... إذا الهجير بنار النُفس مشتعلُ
لا زال مَثواك مثوى كل عارفه ... وروضة القصر من سُحب الرْضا خَضِلُ
إلى متى بغرور تطمئن ولا ... الملوك رُد الردى عنهم ولا الرسل
ولا حِمى من حمام جحفل لجب ... ولا حصون منيعات ولا قُللَ
ياساهماً لا هياً مسن هولِ مصرعه ... وضاحك السِّنِّ منه يضحك الأجلُ
لا تُخل نفسك من زاد فانك مِن ... حين النفاس مع الأنفاس مُرتحِلُ
وما قام يديم السير يتبعه ... إلى محل بلاهُ سائقُ عجلُ
قال شيخنا ناظمها نجزت بحمد الله تعالى ومنه خمسه وثلاثون بيتاً.
والجلل (بفتح الجيم): هو الأمر العظيم، ويستعمل في الحقير، وينصرف إلى أحدهما بالقرينة.
قال : فقدك مرفوع الدال نصيره.
واستوحشت الأسحار : وساها الفقد عتب أي عرضت. واللهف: الحزن العُطل (بفتح العين) أي: خلا.
والظاهر عند التحلي هَامة الجوزاء : أعلاها البلاعح (بكر البلاء الموحدة) بعارض وهو الغرق.
بررت أهليلك في الدارين: من حيث أنهما صبرا على موته فاثنوا عليه.
ثم رثاه أخرى، وخصنى بها، وأرسلها إلى تعزية لى به لأني كنت سرت إلى نوى صحبة قاضي القضاة أبى المفاخر محمد بن القادر الأنصاري رحمه الله لتعزية والده وأقاربه، وأقمت عندهم أياما فلما عدت إلى دمشق كتبها وأرسلها رحمهم الله ت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة الامام النووي رحمه الله 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة الامام النووي رحمه الله2
» سيرة الامام النووي رحمه الله3
» سيرة الامام النووي رحمه الله4
» ترجمة الامام ابن الجزري رحمه الله
» سيرة حياة الإمام الشيخ محمد الغزالي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدرسة القرآن الكريم طحا الأعمدة :: منتدى القصص والعبر :: سير أعلام بعض العلماء-
انتقل الى: